السبت، 24 أكتوبر 2015

موكبية (5) - تاسع محرم - 2015

(1)
يا مَـهْـبِـطَ الـحُـزْنِ يا لَيْلى أَفيقـي       و حَـــدِّثــي كُـــــلَّ أُمٍّ هِــيَ ثَــكْـــلــى
و احْــكـي لَهُم قُصَّةَ الأَكْبَرِ ظــامٍ        فَـقَـلْـبُـهُــــم إِنْ ذَكَـــرْتــيــهــــا تَــسَــلّــى
فأَخْـبِـريـهِـم عَـــن البُـسْـتـانِ دامٍ        من وَرْدَةٍ من طُعونِ السَّيْفِ ذَبْـلـى
و أَخْـبِــريـهِــم عَن الـقُـــرْآنٍ بــاكٍ       من آيَــــــةٍ في خـِــيـامِ الـحُـزْنِ تُـتْـلـى
هذا هُــوَ الكَوْنُ في الرَّمْلِ قَتيلاً       و كَيْف للكَوْنِ أن يَـحْـويــــهِ رَمْـلا؟!
فابْكوا لِـحـالـي و قولــوا بافْتِجاعٍ       يا ســـــاعَـــــدَ اللهُ أُمَّ الحُزْنِ لَـــيْـــلـى

فَــذا عَـلِــيُّ الأَكْــبَــرْ      فَــدا لـلـديــنِ الـمَـنْـحَــرْ
----------------------------
و قُـصّـي أَنَّـــهُ قد مــاتَ ظامي       قَطيعَ الرَّأْسِ مَـكْسورَ العِظامِ
و عِنْدَ المَوْتِ نــــــاداهُ حُسَيْنٌ      على الدُّنْيا العَـفـا يا ابْنَ الكِرامِ
رَأَيْــتُ الكَوْنَ مُـسْــوَدّاً حَزيناً       فَذا الأَكْـبَـرُ في حُـضْـنِ الإِمامِ
أَتى بابْـنـي سَليبَ الجِسْمِ دامٍ       و ضَجَّ الكُـلُّ في وَسْــطِ الخِيامِ

فَهَل أَبْناؤُكُم فَــوْقَ الــرِّمـــالْ         بَـقَـوْا مِن دونِ سِتْرٍ أو ظِـلالْ؟
و هل أَبْناؤُكُم قـــــد دُفِـنـوا         بِـلا رَأْسٍ و مَقْطوعي الوِصالْ؟
----------------------------
كُـلَّـمـا فَـقَـدْتُــــمْ     في الحَيا شَباباً      فاذْكُروا شَبابــاً     دونَـمـا لُــحــودِ
لا يُقاسُ حُـزْنٌ     في رَحيلِ وَرْدٍ      مِـثْـلَـمـا فَـقَـدْنــا     خــيـــرَةَ الوُرودِ
أَثْــبَــتــوا بِـوَعْيٍ     أَنَّـهُــم أُبــــــــاةٌ      واسْـمُـهُــم تَعالى     في سَما الوُجـودِ
عاهَدوا بِصِدْقٍ     سَـيِّــــد الـبَـرايـا     سَـجَّـلَـت دِماهُم     أَصْـدَقَ العُـهـودِ
----------------------------


(2)
ما لي أَرى الشَّمْسَ في حُزْنٍ عَميقٍ      قد فـارَقَـت عَـيْـنُـهـا دَمْـعَ السُّرورِ
ما لي أَراها لِوَصْلِ الـمَـوْتِ تَـدْعــو      يا خـالِـقَ النّورِ أَطْـفِــئْ لَيَّ نـوري
لا أَسْـتَـطـيـعُ الــشُّـــروقَ في مَكـانٍ      قد قُــطِّــعَــت فــيــهِ أَغْلى النُّـحـورِ
لا أَسْـتَـطـيـعُ بَـيْـومِ الـحَـشْـــرِ أَلْقى      في مُصْحَفي كُنْتُ ضِمْنَ الـحُـضـورِ
لا صَبْرَ لي أَن أَرى زَيْـــنَـــبَ تَـرْجـو      قُمْ يا حُسَيْنٌ فَقَد حاطوا خُدوري
لا صَبْرَ لي أَن أَرى السِّبْطَ جَديـلاً      و الخَيْلُ تَعْدو على الصَّدْرِ الطَّهورِ

فيا مَـوْتُ خُـذْ روحي       فلا تُـشْـفـى جُــروحـي
----------------------------
فَـلَـيْـتَ المَوْتَ يَـأْتـيـنـي سَـريعا      و لا أَنْـظُـرُ للـكَـوْنِ صَـريـعـا
و لا أَنْــظُــرُ قَلْبَ الأَرْضِ دامٍ       ولا رَأْسَ السَّـمـاواتِ قَطيعا
فَهُم إِن رَفَــعــوا الرَّأْسَ بِـــرُمْــحٍ      فَقَد كانَ مَدى العُمْرِ رَفـيـعـا
أَرادَ الظُّـلْــمُ وَضْـــعَ الـقَـدْرِ لكِن      بـهـذا الفِعْلِ قد صارَ وَضيعا

تَـقَـرَّبْ أَيُّـهـا الـمَـوْتُ السَّعيدْ      تَــقَــرَّبْ لا تَـكُـنْ عَنّي بَـعـيـدْ
فَلا طـاقَـــــــةَ لي في كَـــرْبلا      أَرى الإِسْلامَ مَحْزوزَ الوَريـدْ
----------------------------
لَيْسَ لي اصْطِبارٌ      أَن أَرى اليَتامى     تَسْتَغيثُ خَوْفاً     من لَظى الـخِـيــامِ
في الـفَـلاةِ فَــرَّتْ      تَـرْتَـجـي مَلاذاً     و الـمَــلاذُ هــاوٍ     في الصَّعيدِ ظـامي
طِــفْــلَــــةٌ بِـحُــزْنٍ      أَقْــبَـلَـت إِلَـــيْـــهِ     و انْـحَـنَت عَلَيْهِ     و رَأَتْـــــــهُ دامـي
هَـمَـسَــت بدَمْــعٍ      حَـرَقـوا خِـبـانـــا     ما لَـنـا مُـــحــــامٍ     قُـــمْ أَيــــا مُـحـامـي
----------------------------


(3) 
إِنّـي شَـبــابٌ بـنَـهْــجِ الـديــنِ واعٍ       أَمْـضـي بـفِـكْـرٍ رَصينَ السّاسِ حُــرِّ
في أُسْــــرَةٍ ذاتِ خَـيْـرٍ و صَـلاحٍ       غُـذِّيْـتُ مِن كُلِّ خَيْرٍ مُـنْـذُ صُـغْـري
من والِــــدي كُنْتُ إِنْساناً خَـلـوقـاً       و كُـنْـتُ في مَوْعِـدِ الأَسْيافِ ثَوْري
و كُنْتُ من أُمّيَ العُظْمى عَظيـمـاً       أَمْـضي بـصِـدْقٍ و إِخْـلاصٍ و فِـكْـرِ
فَإِنَّني شِــبْـــلُ لَــيْـلـــى و حُـسَـيْـنٍ       فالـحَـصْـدُ خَـيْـرٌ إذا الــبَــذْرُ بِـخَــيْــرِ
فــالأُسْـرَةُ الرُّكْنُ في تَأْسيسِ جيـلٍ      في ثَـوْرَةَ الـحَــقِّ يَـمْـضـي نَـحْـوَ نَصْرِ

فلا نَـرْقى في ثَـوْرَة      بِلا إِصْلاحِ الأُسْــرة
----------------------------
أَبي وَصّـى بِأَن أَمْـضـي بِحِكْـمَة      و أَن أَمْضي على دَرْب الأَئِمَّة
و لا أَرْمي أَخي عِنْدَ اخْتِلافٍ      و لا بالظَّنِّ أُلْـقـي أَلْفَ تُـهْـمَـة
فَـإِنَّ الديــنَ رَبّـــــاني خَـلـوقــــاً      و إِنَّ الدينَ هـذا ديـنُ رَحْـمَـة
لِذا مِـن أَجْـلِـهِ أَرْخَصْتُ دَمّي      و مَن للدينِ لا يُرْخِصُ دَمَّه؟!

لأَجْلِ الدينِ أَرْخَصْنا النُّحورْ      و خُـلِّـدْنـا على مَــرِّ العُصـورْ
فَشُكْراً أُسْــرَتي يا مِن بِـكُـمْ      قَوِيّـاً صِرْتُ مِن عُمْقِ الجُذورْ
----------------------------
إِنَّـنـي بِـحُـبٍّ     ما عَصَيْتُ أَمْـراً     قـالَــــــهُ إِمامي     والـِدي الـمُـطَـهَّـرْ
فَـعَـرِفْـتُ مِنْهُ     أَنَّ كُــلَّ حَــــقٍّ     في الزَّمانِ باقٍ     ضِدَّ كُـلِّ مُـنْـكَــرْ
خَـصَّني إِلهي     مِن عَظيمِ فَضْلٍ     و قَـلـيـلُ بَذْلٍ     إِن فَـدَيْـتُ مَنْحَـرْ
إِنَّـني شَـهـيــدٌ     و بِـقَـطْـعِ نَحْـري     أُسْرَتي بِـخَـيْـرٍ     في الزَّمــانِ تُـذْكَـرْ

----------------
حسين الجني
23/10/2015

- الرادود: حسين قمبر
مأتم السنابس – خارج عصراً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق